يطعم من جوع، ويروي من ظمأ، ويكسو من عري، ويشفي من سقم، ويعطي من حرمان، ويؤنس من وحدة، ويهدي من ضلالة، ويعلِّم من جهالة، ويفرح من حزن، ويغني من فقر، ويجمع من شتات، ويؤمن من خوف ...
فأَسبابُ الطاعة في رمضان لك قد سُخِرَت، وثواب الحسنات فيه قد فُضلت، والشياطين ومرَّدة الجنِّ قد صُفِدت، وأًبواب النيران قد أُغْلقت، وأَبواب الجِنان فُتِحَت.
فماذا بقي بعد هذا الجود والكرم من الله الغني المُستغني ذي المِنّن!
الذي وسع حلمه أهل الكفر، والفسوق، والعصيان، ومنع عقوبته أن تحل بأهل الظلم عاجلا، فهو يمهلهم ليتوبوا، ولا يهملهم إذا أصروا، واستمروا في طغيانهم، ولم ينيبوا .
وقال: والحليم الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة، والباطنة مع معاصيهم، وكثرة زلاتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم، ويستعتبهم كي يتوبوا، ويمهلهم كي ينيبوا
وقال أيضًا: فله الحلم الكامل، وله العفو الشامل، ومن كمال عفوه أن المسرفين على أنفسهم إذا تابوا إليه غفر لهم كل جرم صغير، وكبير، وأنه جعل الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها"
بَلْغنا رمضان ونحن إِليك تائبون آيبون، وبالقيام بحقِّه عازمون ومُخْلصون، ومن رحمتك ومغفرتك، والنجاة من النَّار غانمون وفائزون، ومن كلِّ بلاءٍ وضُرٍّ جميعنا، وبلادنا وكافة المسلمين محفوظون وسالمون آمين.
من عَرَفَ حقَّ ربِّه عليه بالتوبة، ما زادته توالي الأَيام، وقُربه من شهر الغُفران إِلاَّ عزماً جازماً علىٰ تجنب الآثام، وهَجْر الخطيئة وأَسباب العصيان، نادماً علىٰ ما فات، مُصلحاً لِما هو آتٍ..
شهرُ رمضان عما قريب قادم، وسُرعان ما إِذَا أَتَىٰ هو راحل، والتشميرُ للدُّعاء ببلاغه، والقيامِ بِحقِّه من أَنْفس الغنائم، والمُوفق من رُزِقَ تعظيم الله الحيِّ القيوم، وتعظيم شهر القُرآن والصيام والقيام، التي هي من أَجلِّ الشعائر..
إِذاً فما ظنُّكم بما يجب من الأدب،والخُلق الحسن في التجارة مع ربِّ العالمين؟
فسبحانه طيبٌ لا يقبل إِلا طيباً؛ لذا فالأدبُ مع رمضان فرضٌ لازم، وحقٌّ لله قائم قبل مجيئه، وأثناء إِقامته، وبعد رحيله.
إِنها العبودية الدائمة لمالك يوم الدين..
اللهمَّ..
اسْترْ ذُنُوبنا وزلاتنا بِستر الغُفران، وأَكْرمنا بِبلوغ شهر رمضان، والقيام بِحقِّه على التمام، والفوز فيه وفي سائر الأَيام بِِالعفو والرضوان، والنجاة من النَّار، والخُلد في دار السلام في أَعالي الجِنان بِجوار خير الأَنام نبيِّنا مُحَمَّدٍ عليه أَفْضل الصلاة والسلام.